حديث أبكي الرسول صلي الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
حديث أبكي الرسول صلي الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
روى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال:
جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه
وسلم في ساعةٍ ما كان يأتيه فيها
متغيّر اللون، فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم: (( مالي أراك متغير
اللون )) فقال: يا محمد جئتُكَ في الساعة
التي أمر الله بمنافخ النار
أن تنفخ فيها، ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق، و
أن النار حق، وأن عذاب
القبر حق، وأن عذاب الله أكبر أنْ تقرّ عينه حتى
يأمنها.
فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا جبريل صِف لي جهنم ))
قال: نعم،
إن الله تعالى لمّا خلق جهنم أوقد عليها ألف سنة فاحْمَرّت، ثم
أوقد
عليها ألف سنة فابْيَضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة فاسْوَدّت، فهي سوداء
مُظلمة لا ينطفئ لهبها ولا جمرها .
والذي بعثك بالحق، لو أن خُرْم
إبرة فُتِحَ منها لاحترق أهل الدنيا عن
آخرهم من حرّها ..
والذي
بعثك بالحق، لو أن ثوباً من أثواب أهل النار عَلِقَ بين السماء و
الأرض،
لمات جميع أهل الأرض من نَتَنِهَا و حرّها عن آخرهم لما يجدون من
حرها
..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أن ذراعاً من السلسلة التي ذكرها
الله تعالى
في كتابه وُضِع على جبلٍ لَذابَ حتى يبلُغ الأرض السابعة ..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أنّ رجلاً بالمغرب يُعَذّب لاحترق
الذي
بالمشرق من شدة عذابها ..
حرّها شديد ، و قعرها بعيد ، و
حليها حديد ، و شرابها الحميم و الصديد ، و
ثيابها مقطعات النيران ،
لها سبعة أبواب، لكل باب منهم جزءٌ مقسومٌ من
الرجال والنساء .
فقال
صلى الله عليه وسلم: (( أهي كأبوابنا هذه ؟! ))
قال: لا ، ولكنها
مفتوحة، بعضها أسفل من بعض، من باب إلى باب مسيرة سبعين
سنة، كل باب
منها أشد حراً من الذي يليه سبعين ضعفاً ، يُساق أعداء الله
إليها فإذا
انتهوا إلى بابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال و السلاسل، فتسلك
السلسلة في فمه وتخرج من دُبُرِه ، وتُغَلّ يده اليسرى إلى عنقه، وتُدخَل
يده
اليمنى في فؤاده، وتُنزَع من بين كتفيه ، وتُشدّ بالسلاسل، ويُقرّن كل
آدمي
مع شيطان في سلسلة ، ويُسحَبُ على وجهه ، وتضربه الملائكة بمقامع من
حديد،
كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أُعيدوا فيها .
فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: (( مَنْ سكّان هذه الأبواب ؟! ))
فقال: أما الباب
الأسفل ففيه المنافقون، ومَن كفر مِن أصحاب المائدة، وآل
فرعون ، و
اسمها الهاوية ..
و الباب الثاني فيه المشركون و اسمه الجحيم ..
و
الباب الثالث فيه الصابئون و اسمه سَقَر ..
و الباب الرابع فيه
ابليس و من تَبِعَهُ ، و المجوس ، و اسمه لَظَى ..
و الباب الخامس
فيه اليهود و اسمه الحُطَمَة ..
و الباب السادس فيه النصارى و اسمه
العزيز ، ثم أمسكَ جبريلُ حياءً من رسول
الله صلى الله عليه وسلم ،
فقال له عليه السلام: ((ألا تخبرني من سكان
الباب السابع ؟ ))
فقال:
فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا و لم يتوبوا . فخَرّ النبي صلى
الله
عليه وسلم مغشيّاً عليه، فوضع جبريل رأسه على حِجْرِه حتى أفاق، فلما
أفاق
قال عليه الصلاة و السلام: (( يا جبريل عَظُمَتْ مصيبتي ، و اشتدّ
حزني
، أَوَ يدخل أحدٌ من أمتي النار ؟؟؟ ))
قال: نعم ، أهل الكبائر من
أمتك . .
ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، و بكى جبريل ..
و
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزله و احتجب عن الناس ، فكان لا يخرج
إلا إلى الصلاة يصلي و يدخل و لا يكلم أحداً، يأخذ في الصلاة يبكي و
يتضرّع
إلى الله تعالى .
فلما كان اليوم الثالث ، أقبل أبو بكر رضي الله
عنه حتى وقف بالباب و قال:
السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة، هل إلى
رسول الله من سبيل ؟ فلم يُجبه أحد
فتنحّى باكياً. .
فأقبل عمر
رضي الله عنه فوقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت
الرحمة، هل
إلى رسول الله من سبيل ؟ فلم يُجبه أحد فتنحّى يبكي. .
فأقبل سلمان
الفارسي حتى وقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت
الرحمة، هل
إلى مولاي رسول الله من سبيل ؟ فأقبل يبكي مرة، ويقع مرة، ويقوم
أخرى
حتى أتى بيت فاطمة ووقف بالباب ثم قال: السلام عليك يا ابنة رسول
الله
صلى الله عليه وسلم ، وكان علي رضي الله عنه غائباً ، فقال: يا ابنة
رسول
الله ، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد احتجب عن الناس فليس يخرج
إلا إلى الصلاة فلا يكلم أحداً و لا يأذن لأحدٍ في الدخول ..
فاشتملت
فاطمة بعباءة قطوانية و أقبلت حتى وقفت على باب رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثم سلّمت و قالت : يا رسول الله أنا فاطمة ، ورسول الله ساجدٌ
يبكي،
فرفع رأسه و قال: (( ما بال قرة عيني فاطمة حُجِبَت عني ؟ افتحوا لها
الباب ))
ففتح لها الباب فدخلت ، فلما نظرت إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم بكت
بكاءً شديداً لما رأت من حاله مُصفرّاً متغيراً قد ذاب
لحم وجهه من البكاء و
الحزن ، فقالت: يا رسول الله ما الذي نزل عليك ؟!
فقال: (( يا فاطمة جاءني جبريل و وصف لي أبواب جهنم ، و أخبرني أن
في أعلى
بابها أهل الكبائر من أمتي ، فذلك الذي أبكاني و أحزنني ))
قالت:
يا رسول الله كيف يدخلونها ؟!
قال: (( بلى تسوقهم الملائكة إلى
النار ، و لا تَسْوَدّ وجوههم ، و لا
تَزْرَقّ أعينهم ، و لا يُخْتَم
على أفواههم ، و لا يقرّنون مع الشياطين ، و
لا يوضع عليهم السلاسل و
الأغلال ))
قالت: يا رسول الله كيف تقودهم الملائكة ؟!
قال:
(( أما الرجال فباللحى، و أما النساء فبالذوائب و النواصي .. فكم من
ذي
شيبةٍ من أمتي يُقبَضُ على لحيته وهو ينادي: واشَيْبتاه واضعفاه ، و كم
من
شاب قد قُبض على لحيته ، يُساق إلى النار وهو ينادي: واشباباه واحُسن
صورتاه
، و كم من امرأة من أمتي قد قُبض على ناصيتها تُقاد إلى النار و هي
تنادي:
وافضيحتاه واهتك ستراه ، حتى يُنتهى بهم إلى مالك ، فإذا نظر إليهم
مالك
قال للملائكة: من هؤلاء ؟ فما ورد عليّ من الأشقياء أعجب شأناً من
هؤلاء
، لم تَسْوَدّ وجوههم ولم تَزرقّ أعينهم و لم يُختَم على أفواههم و
لم
يُقرّنوا مع الشياطين و لم توضع السلاسل و الأغلال في أعناقهم !!
فيقول
الملائكة: هكذا أُمِرنا أن نأتيك بهم على هذه الحالة ..
فيقول لهم
مالك: يا معشر الأشقياء من أنتم ؟!
وروي في خبر آخر : أنهم لما
قادتهم الملائكة قالوا : وامحمداه ، فلما رأوا
مالكاً نسوا اسم محمد
صلى الله عليه وسلم من هيبته ، فيقول لهم : من أنتم؟
فيقولون: نحن ممن
أُنزل علينا القرآن،ونحن ممن يصوم رمضان . فيقول لهم
مالك: ما أُنزل
القرآن إلا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا سمعوا
اسم محمد
صاحوا : نحن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
فيقول لهم مالك :
أما كان لكم في القرآن زاجرٌ عن معاصي الله تعالى .. فإذا
وقف بهم على
شفير جهنم، ونظروا إلى النار وإلى الزبانية قالوا: يا مالك
ائذن لنا
نبكي على أنفسنا ، فيأذن لهم ، فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دموع
،
فيبكون الدم ، فيقول مالك: ما أحسن هذا البكاء لو كان في الدنيا، فلو
كان
في الدنيا من خشية الله ما مسّتكم النار اليوم ..
فيقول مالك
للزبانية : ألقوهم .. ألقوهم في النار
فإذا أُلقوا في النار نادوا
بأجمعهم : لا إله إلا الله ، فترجع النار عنهم ،
فيقول مالك: يا نار
خذيهم، فتقول : كيف آخذهم و هم يقولون لا إله إلا
الله؟ فيقول مالك:
نعم، بذلك أمر رب العرش، فتأخذهم ، فمنهم من تأخذه إلى
قدميه، ومنهم من
تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من
تأخذه إلى
حلقه، فإذا أهوت النار إلى وجهه قال مالك: لا تحرقي وجوههم
فطالما
سجدوا للرحمن في الدنيا، و لا تحرقي قلوبهم فلطالما عطشوا في شهر
رمضان
.. فيبقون ما شاء الله فيها ، ويقولون: يا أرحم الراحمين يا حنّان يا
منّان، فإذا أنفذ الله تعالى حكمه قال: يا جبريل ما فعل العاصون من أمة
محمد
صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول: اللهم أنت أعلم بهم . فيقول انطلق فانظر
ما
حالهم .
فينطلق جبريل عليه السلام إلى مالك و هو على منبر من نار
في وسط جهنم، فإذا
نظر مالك على جبريل عليه السلام قام تعظيماً له ،
فيقول له يا جبريل :
ماأدخلك هذا الموضع ؟ فيقول: ما فَعَلْتَ بالعصابة
العاصية من أمة محمد ؟
فيقول مالك: ما أسوأ حالهم و أضيَق مكانهم،قد
أُحرِقَت أجسامهم، و أُكِلَت
لحومهم، وبقِيَت وجوههم و قلوبهم يتلألأ
فيها الإيمان .
فيقول جبريل: ارفع الطبق عنهم حتى انظر إليهم . قال
فيأمر مالك الخَزَنَة
فيرفعون الطبق عنهم، فإذا نظروا إلى جبريل وإلى
حُسن خَلقه، علموا أنه ليس
من ملائكة العذاب فيقولون : من هذا العبد
الذي لم نر أحداً قط أحسن منه ؟
فيقول مالك : هذا جبريل الكريم الذي
كان يأتي محمداً صلى الله عليه وسلم
بالوحي ، فإذا سمعوا ذِكْر محمد
صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم: يا
جبريل أقرئ محمداً صلى الله عليه
وسلم منا السلام، وأخبره أن معاصينا فرّقت
بيننا وبينك، وأخبره بسوء
حالنا .
فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي الله تعالى ، فيقول الله
تعالى: كيف رأيت
أمة محمد؟ فيقول: يارب ما أسوأ حالهم و أضيق مكانهم .
فيقول:
هل سألوك شيئاً ؟ فيقول: يا رب نعم، سألوني أن أُقرئ نبيّهم منهم
السلام
و أُخبره بسوء حالهم . فيقول الله تعالى : انطلق فأخبره ..
فينطلق
جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في خيمة من درّة بيضاء لها
أربعة
آلاف باب، لكل باب مصراعان من ذهب ، فيقول: يا محمد . . قد جئتك من
عند
العصابة العصاة الذين يُعذّبون من أمتك في النار ، وهم يُقرِئُونك
السلام
ويقولون ما أسوأ حالنا، وأضيق مكاننا .
فيأتي النبي صلى الله عليه
وسلم إلى تحت العرش فيخرّ ساجداً ويثني على الله
تعالى ثناءً لم يثنِ
عليه أحد مثله ..
فيقول الله تعالى : ارفع رأسك ، و سَلْ تُعْطَ ، و
اشفع تُشفّع .
فيقول: (( يا رب الأشقياء من أمتي قد أنفذتَ فيهم
حكمك وانتقمت منهم،
فشفّعني فيهم ))
فيقول الله تعالى : قد
شفّعتك فيهم ، فَأْتِ النار فأخرِج منها من قال لا
إله إلا الله .
فينطلق النبي صلىالله عليه وسلم فإذا نظر مالك النبي صلى
الله عليه
وسلم قام تعظيماً له فيقول : (( يا مالك ما حال أمتي الأشقياء ؟!
))
فيقول:
ما أسوأ حالهم و أضيق مكانهم . فيقول محمد صلى الله عليه وسلم : ((
افتح
الباب و ارفع الطبق )) ، فإذا نظر أصحاب النار إلى محمد صلى الله عليه
وسلم صاحوا بأجمعهم فيقولون: يا محمد ، أَحْرَقت النار جلودنا و أحرقت
أكبادنا،
فيُخرجهم جميعاً و قد صاروا فحماً قد أكلتهم النار فينطلق بهم إلى
نهر
بباب الجنة يسمى نهر الحيوان ، فيغتسلون منه فيخرجون منه شباباً
جُرْدَاً
مُرْدَاً مُكحّلين و كأنّ وجوههم مثل القمر ، مكتوب على جباههم
"الجهنّميون
عتقاء الرحمن من النار" ، فيدخلون الجنة فإذا رأى أهل النار أن
المسلمين قد أُخرجوا منها قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من
النار،
وهو قوله تعالى :
} رُبّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفََرَواْ لَوْ
كَانُواْ مُسْلِمِينَ { [
الحجر:2 ]
*و عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال: (( اذكروا من النار ما شئتم، فلا
تذكرون شيئاً
إلا وهي أشد منه ))
* و قال: (( إنّ أَهْوَن أهل النار عذاباً
لَرجلٌ في رجليه نعلان من نار ،
يغلي منهما دماغه، كأنه مرجل، مسامعه
جمر، وأضراسه جمر، و أشفاره لهب
النيران، و تخرج أحشاء بطنه من قدميه ،
و إنه لَيَرى أنه أشد أهل النار
عذاباً، و إنه مِن أهون أهل النار
عذاباً ))
* وعن ميمون بن مهران أنه لما نزلت هذه الآية : }
وَ إِنَّ جَهَنّمَ
لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ { [ الحجر:43 ] ، وضع
سلمان يده على رأسه و خرج
هارباً ثلاثة أيام ، لا يُقدر عليه حتى جيء
به .
روى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال:
جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه
وسلم في ساعةٍ ما كان يأتيه فيها
متغيّر اللون، فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم: (( مالي أراك متغير
اللون )) فقال: يا محمد جئتُكَ في الساعة
التي أمر الله بمنافخ النار
أن تنفخ فيها، ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق، و
أن النار حق، وأن عذاب
القبر حق، وأن عذاب الله أكبر أنْ تقرّ عينه حتى
يأمنها.
فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا جبريل صِف لي جهنم ))
قال: نعم،
إن الله تعالى لمّا خلق جهنم أوقد عليها ألف سنة فاحْمَرّت، ثم
أوقد
عليها ألف سنة فابْيَضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة فاسْوَدّت، فهي سوداء
مُظلمة لا ينطفئ لهبها ولا جمرها .
والذي بعثك بالحق، لو أن خُرْم
إبرة فُتِحَ منها لاحترق أهل الدنيا عن
آخرهم من حرّها ..
والذي
بعثك بالحق، لو أن ثوباً من أثواب أهل النار عَلِقَ بين السماء و
الأرض،
لمات جميع أهل الأرض من نَتَنِهَا و حرّها عن آخرهم لما يجدون من
حرها
..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أن ذراعاً من السلسلة التي ذكرها
الله تعالى
في كتابه وُضِع على جبلٍ لَذابَ حتى يبلُغ الأرض السابعة ..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أنّ رجلاً بالمغرب يُعَذّب لاحترق
الذي
بالمشرق من شدة عذابها ..
حرّها شديد ، و قعرها بعيد ، و
حليها حديد ، و شرابها الحميم و الصديد ، و
ثيابها مقطعات النيران ،
لها سبعة أبواب، لكل باب منهم جزءٌ مقسومٌ من
الرجال والنساء .
فقال
صلى الله عليه وسلم: (( أهي كأبوابنا هذه ؟! ))
قال: لا ، ولكنها
مفتوحة، بعضها أسفل من بعض، من باب إلى باب مسيرة سبعين
سنة، كل باب
منها أشد حراً من الذي يليه سبعين ضعفاً ، يُساق أعداء الله
إليها فإذا
انتهوا إلى بابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال و السلاسل، فتسلك
السلسلة في فمه وتخرج من دُبُرِه ، وتُغَلّ يده اليسرى إلى عنقه، وتُدخَل
يده
اليمنى في فؤاده، وتُنزَع من بين كتفيه ، وتُشدّ بالسلاسل، ويُقرّن كل
آدمي
مع شيطان في سلسلة ، ويُسحَبُ على وجهه ، وتضربه الملائكة بمقامع من
حديد،
كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أُعيدوا فيها .
فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: (( مَنْ سكّان هذه الأبواب ؟! ))
فقال: أما الباب
الأسفل ففيه المنافقون، ومَن كفر مِن أصحاب المائدة، وآل
فرعون ، و
اسمها الهاوية ..
و الباب الثاني فيه المشركون و اسمه الجحيم ..
و
الباب الثالث فيه الصابئون و اسمه سَقَر ..
و الباب الرابع فيه
ابليس و من تَبِعَهُ ، و المجوس ، و اسمه لَظَى ..
و الباب الخامس
فيه اليهود و اسمه الحُطَمَة ..
و الباب السادس فيه النصارى و اسمه
العزيز ، ثم أمسكَ جبريلُ حياءً من رسول
الله صلى الله عليه وسلم ،
فقال له عليه السلام: ((ألا تخبرني من سكان
الباب السابع ؟ ))
فقال:
فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا و لم يتوبوا . فخَرّ النبي صلى
الله
عليه وسلم مغشيّاً عليه، فوضع جبريل رأسه على حِجْرِه حتى أفاق، فلما
أفاق
قال عليه الصلاة و السلام: (( يا جبريل عَظُمَتْ مصيبتي ، و اشتدّ
حزني
، أَوَ يدخل أحدٌ من أمتي النار ؟؟؟ ))
قال: نعم ، أهل الكبائر من
أمتك . .
ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، و بكى جبريل ..
و
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزله و احتجب عن الناس ، فكان لا يخرج
إلا إلى الصلاة يصلي و يدخل و لا يكلم أحداً، يأخذ في الصلاة يبكي و
يتضرّع
إلى الله تعالى .
فلما كان اليوم الثالث ، أقبل أبو بكر رضي الله
عنه حتى وقف بالباب و قال:
السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة، هل إلى
رسول الله من سبيل ؟ فلم يُجبه أحد
فتنحّى باكياً. .
فأقبل عمر
رضي الله عنه فوقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت
الرحمة، هل
إلى رسول الله من سبيل ؟ فلم يُجبه أحد فتنحّى يبكي. .
فأقبل سلمان
الفارسي حتى وقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت
الرحمة، هل
إلى مولاي رسول الله من سبيل ؟ فأقبل يبكي مرة، ويقع مرة، ويقوم
أخرى
حتى أتى بيت فاطمة ووقف بالباب ثم قال: السلام عليك يا ابنة رسول
الله
صلى الله عليه وسلم ، وكان علي رضي الله عنه غائباً ، فقال: يا ابنة
رسول
الله ، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد احتجب عن الناس فليس يخرج
إلا إلى الصلاة فلا يكلم أحداً و لا يأذن لأحدٍ في الدخول ..
فاشتملت
فاطمة بعباءة قطوانية و أقبلت حتى وقفت على باب رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثم سلّمت و قالت : يا رسول الله أنا فاطمة ، ورسول الله ساجدٌ
يبكي،
فرفع رأسه و قال: (( ما بال قرة عيني فاطمة حُجِبَت عني ؟ افتحوا لها
الباب ))
ففتح لها الباب فدخلت ، فلما نظرت إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم بكت
بكاءً شديداً لما رأت من حاله مُصفرّاً متغيراً قد ذاب
لحم وجهه من البكاء و
الحزن ، فقالت: يا رسول الله ما الذي نزل عليك ؟!
فقال: (( يا فاطمة جاءني جبريل و وصف لي أبواب جهنم ، و أخبرني أن
في أعلى
بابها أهل الكبائر من أمتي ، فذلك الذي أبكاني و أحزنني ))
قالت:
يا رسول الله كيف يدخلونها ؟!
قال: (( بلى تسوقهم الملائكة إلى
النار ، و لا تَسْوَدّ وجوههم ، و لا
تَزْرَقّ أعينهم ، و لا يُخْتَم
على أفواههم ، و لا يقرّنون مع الشياطين ، و
لا يوضع عليهم السلاسل و
الأغلال ))
قالت: يا رسول الله كيف تقودهم الملائكة ؟!
قال:
(( أما الرجال فباللحى، و أما النساء فبالذوائب و النواصي .. فكم من
ذي
شيبةٍ من أمتي يُقبَضُ على لحيته وهو ينادي: واشَيْبتاه واضعفاه ، و كم
من
شاب قد قُبض على لحيته ، يُساق إلى النار وهو ينادي: واشباباه واحُسن
صورتاه
، و كم من امرأة من أمتي قد قُبض على ناصيتها تُقاد إلى النار و هي
تنادي:
وافضيحتاه واهتك ستراه ، حتى يُنتهى بهم إلى مالك ، فإذا نظر إليهم
مالك
قال للملائكة: من هؤلاء ؟ فما ورد عليّ من الأشقياء أعجب شأناً من
هؤلاء
، لم تَسْوَدّ وجوههم ولم تَزرقّ أعينهم و لم يُختَم على أفواههم و
لم
يُقرّنوا مع الشياطين و لم توضع السلاسل و الأغلال في أعناقهم !!
فيقول
الملائكة: هكذا أُمِرنا أن نأتيك بهم على هذه الحالة ..
فيقول لهم
مالك: يا معشر الأشقياء من أنتم ؟!
وروي في خبر آخر : أنهم لما
قادتهم الملائكة قالوا : وامحمداه ، فلما رأوا
مالكاً نسوا اسم محمد
صلى الله عليه وسلم من هيبته ، فيقول لهم : من أنتم؟
فيقولون: نحن ممن
أُنزل علينا القرآن،ونحن ممن يصوم رمضان . فيقول لهم
مالك: ما أُنزل
القرآن إلا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا سمعوا
اسم محمد
صاحوا : نحن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
فيقول لهم مالك :
أما كان لكم في القرآن زاجرٌ عن معاصي الله تعالى .. فإذا
وقف بهم على
شفير جهنم، ونظروا إلى النار وإلى الزبانية قالوا: يا مالك
ائذن لنا
نبكي على أنفسنا ، فيأذن لهم ، فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دموع
،
فيبكون الدم ، فيقول مالك: ما أحسن هذا البكاء لو كان في الدنيا، فلو
كان
في الدنيا من خشية الله ما مسّتكم النار اليوم ..
فيقول مالك
للزبانية : ألقوهم .. ألقوهم في النار
فإذا أُلقوا في النار نادوا
بأجمعهم : لا إله إلا الله ، فترجع النار عنهم ،
فيقول مالك: يا نار
خذيهم، فتقول : كيف آخذهم و هم يقولون لا إله إلا
الله؟ فيقول مالك:
نعم، بذلك أمر رب العرش، فتأخذهم ، فمنهم من تأخذه إلى
قدميه، ومنهم من
تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من
تأخذه إلى
حلقه، فإذا أهوت النار إلى وجهه قال مالك: لا تحرقي وجوههم
فطالما
سجدوا للرحمن في الدنيا، و لا تحرقي قلوبهم فلطالما عطشوا في شهر
رمضان
.. فيبقون ما شاء الله فيها ، ويقولون: يا أرحم الراحمين يا حنّان يا
منّان، فإذا أنفذ الله تعالى حكمه قال: يا جبريل ما فعل العاصون من أمة
محمد
صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول: اللهم أنت أعلم بهم . فيقول انطلق فانظر
ما
حالهم .
فينطلق جبريل عليه السلام إلى مالك و هو على منبر من نار
في وسط جهنم، فإذا
نظر مالك على جبريل عليه السلام قام تعظيماً له ،
فيقول له يا جبريل :
ماأدخلك هذا الموضع ؟ فيقول: ما فَعَلْتَ بالعصابة
العاصية من أمة محمد ؟
فيقول مالك: ما أسوأ حالهم و أضيَق مكانهم،قد
أُحرِقَت أجسامهم، و أُكِلَت
لحومهم، وبقِيَت وجوههم و قلوبهم يتلألأ
فيها الإيمان .
فيقول جبريل: ارفع الطبق عنهم حتى انظر إليهم . قال
فيأمر مالك الخَزَنَة
فيرفعون الطبق عنهم، فإذا نظروا إلى جبريل وإلى
حُسن خَلقه، علموا أنه ليس
من ملائكة العذاب فيقولون : من هذا العبد
الذي لم نر أحداً قط أحسن منه ؟
فيقول مالك : هذا جبريل الكريم الذي
كان يأتي محمداً صلى الله عليه وسلم
بالوحي ، فإذا سمعوا ذِكْر محمد
صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم: يا
جبريل أقرئ محمداً صلى الله عليه
وسلم منا السلام، وأخبره أن معاصينا فرّقت
بيننا وبينك، وأخبره بسوء
حالنا .
فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي الله تعالى ، فيقول الله
تعالى: كيف رأيت
أمة محمد؟ فيقول: يارب ما أسوأ حالهم و أضيق مكانهم .
فيقول:
هل سألوك شيئاً ؟ فيقول: يا رب نعم، سألوني أن أُقرئ نبيّهم منهم
السلام
و أُخبره بسوء حالهم . فيقول الله تعالى : انطلق فأخبره ..
فينطلق
جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في خيمة من درّة بيضاء لها
أربعة
آلاف باب، لكل باب مصراعان من ذهب ، فيقول: يا محمد . . قد جئتك من
عند
العصابة العصاة الذين يُعذّبون من أمتك في النار ، وهم يُقرِئُونك
السلام
ويقولون ما أسوأ حالنا، وأضيق مكاننا .
فيأتي النبي صلى الله عليه
وسلم إلى تحت العرش فيخرّ ساجداً ويثني على الله
تعالى ثناءً لم يثنِ
عليه أحد مثله ..
فيقول الله تعالى : ارفع رأسك ، و سَلْ تُعْطَ ، و
اشفع تُشفّع .
فيقول: (( يا رب الأشقياء من أمتي قد أنفذتَ فيهم
حكمك وانتقمت منهم،
فشفّعني فيهم ))
فيقول الله تعالى : قد
شفّعتك فيهم ، فَأْتِ النار فأخرِج منها من قال لا
إله إلا الله .
فينطلق النبي صلىالله عليه وسلم فإذا نظر مالك النبي صلى
الله عليه
وسلم قام تعظيماً له فيقول : (( يا مالك ما حال أمتي الأشقياء ؟!
))
فيقول:
ما أسوأ حالهم و أضيق مكانهم . فيقول محمد صلى الله عليه وسلم : ((
افتح
الباب و ارفع الطبق )) ، فإذا نظر أصحاب النار إلى محمد صلى الله عليه
وسلم صاحوا بأجمعهم فيقولون: يا محمد ، أَحْرَقت النار جلودنا و أحرقت
أكبادنا،
فيُخرجهم جميعاً و قد صاروا فحماً قد أكلتهم النار فينطلق بهم إلى
نهر
بباب الجنة يسمى نهر الحيوان ، فيغتسلون منه فيخرجون منه شباباً
جُرْدَاً
مُرْدَاً مُكحّلين و كأنّ وجوههم مثل القمر ، مكتوب على جباههم
"الجهنّميون
عتقاء الرحمن من النار" ، فيدخلون الجنة فإذا رأى أهل النار أن
المسلمين قد أُخرجوا منها قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من
النار،
وهو قوله تعالى :
} رُبّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفََرَواْ لَوْ
كَانُواْ مُسْلِمِينَ { [
الحجر:2 ]
*و عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال: (( اذكروا من النار ما شئتم، فلا
تذكرون شيئاً
إلا وهي أشد منه ))
* و قال: (( إنّ أَهْوَن أهل النار عذاباً
لَرجلٌ في رجليه نعلان من نار ،
يغلي منهما دماغه، كأنه مرجل، مسامعه
جمر، وأضراسه جمر، و أشفاره لهب
النيران، و تخرج أحشاء بطنه من قدميه ،
و إنه لَيَرى أنه أشد أهل النار
عذاباً، و إنه مِن أهون أهل النار
عذاباً ))
* وعن ميمون بن مهران أنه لما نزلت هذه الآية : }
وَ إِنَّ جَهَنّمَ
لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ { [ الحجر:43 ] ، وضع
سلمان يده على رأسه و خرج
هارباً ثلاثة أيام ، لا يُقدر عليه حتى جيء
به .
هنا اكتب اسمك- عضو جديد
- عدد المساهمات : 17
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/06/2010
مواضيع مماثلة
» معا لنصل لاكثر من(10000)حديث نبوي عن الرسول عليه السلام
» حديث الرسول مع إبليس
» يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير
» دعــآء قبل النوم يمسح ذنوبك// حديث صحيح
» لماذا يتكلم الله سبحانه وتعالى في القران الكريم بصيغة الجمع
» حديث الرسول مع إبليس
» يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير
» دعــآء قبل النوم يمسح ذنوبك// حديث صحيح
» لماذا يتكلم الله سبحانه وتعالى في القران الكريم بصيغة الجمع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى