لم أكثر من زوجة يا إسلام؟
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
لم أكثر من زوجة يا إسلام؟
لم أكثر من زوجة يا إسلام ؟
حوار
ساخن بين عالم مسلم ومستشرق غربي
من ثنايا علوم العلامة الكبير محمد أمين
شيخو
المستشرق الغربي: إن السمو والإخلاص الزوجي في الغرب يتجلى بأسمى معانيه بحيث تتحقَّق
العدالة بين الزوج وزوجته الذي يخلص لها مدى العمر فلا يتزوج عليها، لا يظلمها ولا
يهضمها. أما عند المسلمين فقد هُدرت حُقوقُها بزواجه من أربعِ زوجات، ما قولكم؟
العالم المسلم: إن ما تقوله هو عين عيون الحقيقة لو كان الزواج بديننا زواجاً
نفسانياً لا إنسانياً.
المستشرق الغربي: أرجو المعذرة لم أفهم قصدك بالزواج الإنساني مع أن الإنسانية هي طموح
كافة الدول المتحضِّرة.
العالم المسلم: الزواج الإنساني هو الهادف لإنقاذ أُسَرٍ وتربية أطفالٍ التربية القويمة
مع إنقاذ الأرامل وإسعادهن مدى الحياة وعلى الأغلب إثر حدوث الحروب الطاحنة،
فالشهداء الذين ضحُّوا بحياتهم الكريمة لإنقاذ الوطن والدفاع عن الأهل والمال
والشرف هل جزاؤهم بأن تبقى زوجاتهم أرامل (محرومات) مدى الحياة.. ومَنْ لتربية
أطفال وأبناء الشهداء، بل من يحنو عليهم ويرفدهم بالغذاء والكساء والمسكن؟
المستشرق الغربي: نحن في أوروبا نؤمِّن معاشاتٍ لأسرِ الشهداء بما يضمن كفايَتَهم
وحاجاتِهم.
العالم المسلم: إذن هل أمَّنتم للأرامل أزواجاً تسعدهم وتنشئ أبناءهم التنشئة الراقية
السليمة؟ فهل يغني المال وحده عن الزوج والتنشئة الصالحة؟
المستشرق الغربي: هذا أمر لا نستطيع تحقيقه فكل زوج لا يستطيع أن يتزوج أرملة لأنه من
غير المسموح للزوج عندنا أن يعدِّد الزوجات أكثر من واحدة. حقّاً إننا بإهمالنا
لزوجات الشهداء (الأرامل) وتنشئة وتربية أولادهن التربية القويمة نكون قد أهملنا
جانباً خطيراً من إنسانيتنا وأضعنا حقاً عظيماً من حقوق الشهداء تجاه عائلاتهم،
فبالله عليك هل عندكم من إسعاف وإنقاذ لأسر الشهداء المظلومة، أي هل هناك ثمَّة
قانون أو وسيلة تحنو على اليتامى وأمَّهاتهن المساكين لديكم؟
العالم المسلم: نحن تماماً مثلكم، ولكن قانون الإله الذي خلق ونظَّم الكائنات قد
أمدَّنا بالكمال تجاه هذه الأسر المهضومة، فبرجوعنا إلى الكتاب المقدّس (القرآن)
نجد الدواء والشفاء. يقول تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا
طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ...فَإِنْ خِفْتُمْ
أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}.
المستشرق الغربي: عفواً لم يتوضَّح هذا الأمر الهام ولم أفهم بعد كيف يتنزَّل ملاك
الرحمة على هذه الأُسر المسكينة؟ أنت الآن بلسانك وشفتيك قلت {فَانكِحُوا مَا طَابَ
لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}.. فما دامت المسألة ليست شهوة ذوقية للرجل فما يحلو ويطيب له يفعله،
أصبحتْ المرأة بهذه الآية سلعة ومتعة وأداة لنزوات وشهوات الرجل يحقِّق فيها
أحلامه الذهبية الشهوانية ويمتص رحيق صباها ثم ينتقل إلى زهرة أخرى ويهمل الأولى
حتماً لانشغاله بالثانية ثم لا يلبث أن يطير إلى ثالثة قد سباه وأغواه وأغراه
صباها وجمالها فيتخلى عن الاثنتين ويتعلَّق بالثالثة.. وهلمَّ جرّه. فأين الإنسانية في قرآنكم ودستوركم.. لقد أصبحت المرأة
ألعوبة بيد الزوج المسلم يقطف منها متى شاء ويلقي بها في زاوية الإهمال والنسيان
أنَّى شاء، أرجوك وضِّح لي ما قلت أنه جانب إنساني لا شهواني؟!
العالم المسلم: عفواً يا أخي الباحث الإنساني لقد تسرَّعت قليلاً بفهم الآية فأنت
فعلت ما فعله قبلك ساداتنا ومشايخنا الكرام، إذ قطفتَ من الآية (ما طاب لكم)
وأعرضت عن الجانب الإنساني الذي ذكرته أنا لك ولم تنتبه إليه كما لم ينتبه إليه
أحدٌ من شيوخ الإسلام. أنتَ قطفت زهرة ما طاب لكم ونسيت بداية الآية والتي هي أساس
وعماد فهمها وتأويلها: فالقصة لا يمكن أبداً فهمها الفهم الصحيح ما دمت تفهم
نهايتها ولم تسمع بداية هذه القصة، فهذا فهمٌ مبتور، والحكم الصادر على القصة
حتماً سيكون حكماً خطأ بعيداً كل البعد عن حقيقتها. فقد تفضَّلت أنتَ بذكر الآية
من نصفها الأخير، أي قلت {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ
وَرُبَاعَ} وتعجَّلت فنسيت بدايتها، أي فاتك ذكر {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} وهذا هو شرط تعدد
الزوجات. ولا ألومك أبداً بإغفالك النصف الأول من الآية لأن كافة ساداتنا علماء
المسلمين قد فهموها أيضاً كما فهمتها أنتَ مبتورةً لا كما أرادها الله. لأن الله
شَرَطَ بجواز تعدد الزوجات إنصاف اليتامى، ولا يجوز التزوج في الإسلام بأكثر من
واحدة قطعاً وأبداً إلاَّ لهدف إنساني سامي، أي لإنقاذ اليتامى وبالتالي لإنقاذ
وإسعاف أمهاتِهنَّ.
الآية تؤخذ ككل ولا تقبل التقسيم أبداً،
علاوة على أن الله قد قيَّدها وحتَّمها (بإن) الشرطية أي: هذا هو شرط جواز التزوج بأكثر من زوجة واحدة.. وإلاَّ
فزوجة تكفي وتفي. فلا ظلم ولا هضم.
وقبل أن أوضِّح لك الحكمة الإلهية البالغة
أرجو منك الإصغاء إلى مثال واقعي: هَبْ أن بلدة عدد رجالها ألف رجل استشهد نصفهم
ومعظمهم متزوجون دفاعاً عن الوطن والدين والشرف والأهل والمال والولد وبقي نصفهم
وعددهم (500)، فمن لليتامى والأرامل الخمسمئة الباقية؟ لقد بقينَ يواجهنَ مصاعبَ
ومصائب الحياة بلا أزواج تعينهن وتحميهن من نوائب الزمان ومصائب الحِدثان. أما
اليتامى الذين ورثوا أموالاً عن أبيهم من يديرها ويشغلها لهم ويصرف عليهم من
نتاجها ويصونها لهم ويضمن أنها لن تضيع هدراً وتبذيراً؟ ثم هل يصح ترك أبناء
الشهداء دون أب مصلح يقوِّم اعوجاجهم ويحوُل دون شذوذهم وضياعهم، هل جزاء الإحسان
إلاَّ الإحسان! هذا الشهيد الذي ضحَّى بحياته (والجود بالنفس أسمى غاية الجود) هل
جزاؤه أن تبقى زوجته أرملة عرضة للانحلال الأخلاقي والفساد الاجتماعي، ومع أن
الإسلام قد أمر بالإنفاق على الأرامل واليتامى من بيت مال المسلمين، إذ أمَّن
النظامُ الإسلامي التكافلَ والتضامن الاجتماعي بكمال الكمال، ولكن أليست الأرملة
بحاجة إلى رجل يحنو عليها ويؤنس وحدتها ويشبع غرائزها الفطرية من طريقٍ حلال بما
يُحمد عقباه! فهل يبقى الأولاد دون ضابط حازم قوي يقوِّم اعوجاجهم ويحول دون
شذوذهم عند بلوغهم سن المراهقة وطيش الشباب، والجنس اللطيف من النساء بطبيعتهن
الرقيقة عاجزات عن ضبط أولادهن حين بلوغهن هذه المرحلة الخطرة من سن الشباب، بل
سيشذ الأولاد ويتحتم مصيرهم بعد شذوذهم في السجون والشقاء.
أفهكذا نتركهم لهذا المصير لأن آباءهم
ضحُّوا بحياتهم من أجلنا؟
المستشرق الغربي: يا أيها الأخ المسلم لقد زدتني لهفة على لهفة وأشعلت بنفسي نيران
الشوق حباً باستطلاع الدواء لهذا الداء وشفائي من هذه الأمراض الاجتماعية التي
تعصف بحياة الأمم والأقوام. أنِرْني بالله عليك.. كيف السبيل لإسعاف وإنقاذ هؤلاء
المنكوبين العزيزين. لقد أيقظتَ إنسانيتي وأبكيت قلبي وفطَّرت كبدي على هذه
الإنسانية المعذَّبة والمترعة بالشقاء، والتي لم تجد لها حقّاً كافةُ الدول
المتحضرة في العالم حلولاً ولا علاجات أبداً.
حقاً إن نتاج الحروب الطاحنة دوماً أرامل
ويتامى غارقين في البؤس واليأس والألم والهضم والحرمان. فما جوابك؟
العالم المسلم: يحق للمتزوج القادر من الناحية المالية والجسمية والعقلية أن يتزوج
أرملة أو اثنتين أو بأقصى الحدود والإمكانات البشرية ثلاث أرامل لإيواء أبنائهن
وحفظ شرفهن وإمدادهن بالعيش الكريم بشرط أن يكون المؤهَّلُ للزواج بأكثر من زوجة
حكيماً عالماً حائزاً على قسط من الكمال والحكمة ليعدل بين الزوجات وينشئ الأبناء
تنشئة إنسانية كاملة. ذلك لأن تأويل كلمة {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} أنه لن تطيب الحياة الزوجية إلاَّ بتوافر ثلاثة شروط أساسية في الزواج:
أولاً السعة المالية والغنى الكافي للعيش
الكريم لمجموع أفراد الأسرتين أو الثلاث أو بأقصى الحدود لأربع أسر، فلا يجوز أن
يتزوج ويترك الأسر عرضةً للجوع. وهذا الشرط وحده لا يكفي أبداً ما لم يتوفر الشرط
الثاني وهو أن يكون لدى الزوج إمكانيات ومؤهلات جسمية يستطيع بها أن يروي أنوثة
زوجاته الثلاث أو الأربع ولا يُنقص إحداهن حقّها الطبيعي في إرواء غريزتها
الأنثوية الجنسية.. وعدم هضم حق زوجة على حساب زوجة. وهذا الشرط الثاني يلزمه
حتماً الشرط الثالث والمهم وهو أن يكون الزوج حكيماً عالماً يستطيع أن يحقِّق
العدالةَ والرضا في قلوب زوجاته جميعهن فيعدل بينهن دونما تمييز واحدةٍ على حساب
الأخرى باللباس والطعام والمسكن والكلام، والقولِ الحسن والمعاملة الإنسانية
اللطيفة لهن جميعاً بالمساواة دونما محاباة أو تحيُّز أو تفضيل. عندها تطيب الحياة
الزوجية ويتم التعاطف والتآزر والتكاتف بالأسرة وينشأ المجتمع المثالي السعيد
الراقي.
فمن دواعي الإنسانية المثلى وجود رجل فاضل
وكامل ليحل محل أبيهم الشهيد رحمه الله «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو
تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى».
المستشرق الغربي: عجبٌ للإنسانية كيف أن الإنسان المتمدن في هذا العصر الراقي وقد بلغ
الأوج في الثقافات والعلوم والآداب والفنون والإبداع والاختراع حتى علا فوق قمم
كافة الجبال واخترق السحب وجاز أقطار السماوات ولكن غابت عنه هذه المكرمات، وترك
إثر الحروب الألوف المؤلفة من الأرامل واليتامى تعجُّ بالحرمان والشقاء. فالحقيقة
أن الكمال المطلق للإله ومهما بلغ الإنسان فهو معرَّض للنسيان، نسيان مجتمعاتٍ
بأسرها وتركها عرضةً للأحزان والآلام، تجأر لربها بالدعاء من إهمال الإنسان لأخيه
الإنسان. إذاً فإن لم تتوفر في الرجل الصفات الثلاث: السعة المالية والقوة الجسمية والحكمة العقلية فلا يحق له بدينكم
الإسلامي أن يعدِّد الزوجات؟!
العالم المسلم: أكرر أنه من حاز الكفاءة في الشروط الثلاث: السعة المالية والقوة
الجسمية والحكمة العقلية لِما يحقِّق العدالة والمحبة والتنشئة الصالحة لحياة
سعيدة مزدهرة مترعة بالمحبة والحنان له الحق بالزواج من أكثر من واحدة، وإلاَّ
فحتماً لا يجوز.. لا يجوز الزواج التذوقي لأكثر من واحدة ولا الشهواني النفساني،
بل الزواج الإنساني العادل الذي يعدِّل أوضاع اليتامى والأرامل للحياة الأسمى
والأفضل، ولما فيه سعادة المجتمع لقول الله في كتابه المقدّس (القرآن): {فَإِنْ خِفْتُمْ
أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}: إذا وجدتَ نفسك لا تستطيع القيام بحق النساء فتزوج واحدة، لا تتزوج
أكثر.
المستشرق الغربي: عجباً عجباً، ما كنت أعلم أن الإسلام فيه هذا السمو الإنساني والكمال
الذي تتعشقه كل نفسٍ فاضلةٍ وهذا التكافل والتضامن الاجتماعي البالغ في العلو
والذي عجزت البشرية في تطورها وقمة مدنيتها أن تصل إليه.. حقّاً هذا من كلام الإله
العظيم الرحيم بخلْقه والحريص على سعادتهم وهنائهم. ولكن النفس تميل وفي كتابكم المقدس
(القرآن) أن الإنسان يعشق بطبيعته وفطرته الجمال ونفسه تميل إلى واحدة أكثر بكثير
من غيرها من زوجاته الثلاث، فماذا يفعل الإنسان بقلبه وهذا الأمر لا يستطيع أن
يتحكَّم به الإنسان من الميل إلى الألطف والأرق والأجمل وهذا ما يقرره كتابكم
المقدس (القرآن) أيضاً إذ يقول: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ
حَرَصْتُمْ}.. فما قولكم؟
العالم المسلم: يا أخي هذا الذي تفضَّلت به هو قانون الفطرة البشرية الأصيل أن تعشق
النفس الأفضل والأجمل وقد بيَّن ذلك تعالى في الآية التي ذكرتها {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا
أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}.. فهذه حتمية بعدم الاستطاعة، ولذا فلها معنى آخر، إذا واحدة أجمل من
واحدة فالنفس تميل وهذا ليس بيدنا ولكن علينا أن نعامل الزوجات بالإحسان فأنت لا
تُؤاخَذْ على ميلك القلبي وإنما المؤاخذة كل المؤاخذة على المعاملة الظاهرة، إذ أن
للناس الظواهر والله أعلم بالسرائر. ويضيف تعالى للآية {فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}: مع واحدة دون واحدة. {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}: حذارِ أن تهجرها فتذرها كالمعلقة فلا هي متزوجة ولا هي بمطلقة. إذاً
الكل بالمعاملة مثل بعض، ليلة وليلة، وكذا المال، أما الحب فهذا لست بمؤاخذ عليه،
المهم أن لا تظهره بالمعاملة أبداً.
المستشرق الغربي: لا شك بأن تعدد الزوجات بهدف إنقاذ البنين والبنات من أبناء الشهداء
الأبرار وصون وإكرام زوجاتهم أمر بالغ في السمو والعلو والذي لم يتوصَّل إليه
إنسان عصر القرن العشرين على رقيِّه، فهو الملاذ الأخير والمنقذ الوحيد لأسر
الشهداء فما أرحم هذا الخالق العظيم بكافة عباده.
هذه الحقائق أجاب عنها فضيلة العلامة
الكبير محمد أمين شيخو
والحمد لله رب العالمين.
حوار
ساخن بين عالم مسلم ومستشرق غربي
من ثنايا علوم العلامة الكبير محمد أمين
شيخو
المستشرق الغربي: إن السمو والإخلاص الزوجي في الغرب يتجلى بأسمى معانيه بحيث تتحقَّق
العدالة بين الزوج وزوجته الذي يخلص لها مدى العمر فلا يتزوج عليها، لا يظلمها ولا
يهضمها. أما عند المسلمين فقد هُدرت حُقوقُها بزواجه من أربعِ زوجات، ما قولكم؟
العالم المسلم: إن ما تقوله هو عين عيون الحقيقة لو كان الزواج بديننا زواجاً
نفسانياً لا إنسانياً.
المستشرق الغربي: أرجو المعذرة لم أفهم قصدك بالزواج الإنساني مع أن الإنسانية هي طموح
كافة الدول المتحضِّرة.
العالم المسلم: الزواج الإنساني هو الهادف لإنقاذ أُسَرٍ وتربية أطفالٍ التربية القويمة
مع إنقاذ الأرامل وإسعادهن مدى الحياة وعلى الأغلب إثر حدوث الحروب الطاحنة،
فالشهداء الذين ضحُّوا بحياتهم الكريمة لإنقاذ الوطن والدفاع عن الأهل والمال
والشرف هل جزاؤهم بأن تبقى زوجاتهم أرامل (محرومات) مدى الحياة.. ومَنْ لتربية
أطفال وأبناء الشهداء، بل من يحنو عليهم ويرفدهم بالغذاء والكساء والمسكن؟
المستشرق الغربي: نحن في أوروبا نؤمِّن معاشاتٍ لأسرِ الشهداء بما يضمن كفايَتَهم
وحاجاتِهم.
العالم المسلم: إذن هل أمَّنتم للأرامل أزواجاً تسعدهم وتنشئ أبناءهم التنشئة الراقية
السليمة؟ فهل يغني المال وحده عن الزوج والتنشئة الصالحة؟
المستشرق الغربي: هذا أمر لا نستطيع تحقيقه فكل زوج لا يستطيع أن يتزوج أرملة لأنه من
غير المسموح للزوج عندنا أن يعدِّد الزوجات أكثر من واحدة. حقّاً إننا بإهمالنا
لزوجات الشهداء (الأرامل) وتنشئة وتربية أولادهن التربية القويمة نكون قد أهملنا
جانباً خطيراً من إنسانيتنا وأضعنا حقاً عظيماً من حقوق الشهداء تجاه عائلاتهم،
فبالله عليك هل عندكم من إسعاف وإنقاذ لأسر الشهداء المظلومة، أي هل هناك ثمَّة
قانون أو وسيلة تحنو على اليتامى وأمَّهاتهن المساكين لديكم؟
العالم المسلم: نحن تماماً مثلكم، ولكن قانون الإله الذي خلق ونظَّم الكائنات قد
أمدَّنا بالكمال تجاه هذه الأسر المهضومة، فبرجوعنا إلى الكتاب المقدّس (القرآن)
نجد الدواء والشفاء. يقول تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا
طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ...فَإِنْ خِفْتُمْ
أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}.
المستشرق الغربي: عفواً لم يتوضَّح هذا الأمر الهام ولم أفهم بعد كيف يتنزَّل ملاك
الرحمة على هذه الأُسر المسكينة؟ أنت الآن بلسانك وشفتيك قلت {فَانكِحُوا مَا طَابَ
لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}.. فما دامت المسألة ليست شهوة ذوقية للرجل فما يحلو ويطيب له يفعله،
أصبحتْ المرأة بهذه الآية سلعة ومتعة وأداة لنزوات وشهوات الرجل يحقِّق فيها
أحلامه الذهبية الشهوانية ويمتص رحيق صباها ثم ينتقل إلى زهرة أخرى ويهمل الأولى
حتماً لانشغاله بالثانية ثم لا يلبث أن يطير إلى ثالثة قد سباه وأغواه وأغراه
صباها وجمالها فيتخلى عن الاثنتين ويتعلَّق بالثالثة.. وهلمَّ جرّه. فأين الإنسانية في قرآنكم ودستوركم.. لقد أصبحت المرأة
ألعوبة بيد الزوج المسلم يقطف منها متى شاء ويلقي بها في زاوية الإهمال والنسيان
أنَّى شاء، أرجوك وضِّح لي ما قلت أنه جانب إنساني لا شهواني؟!
العالم المسلم: عفواً يا أخي الباحث الإنساني لقد تسرَّعت قليلاً بفهم الآية فأنت
فعلت ما فعله قبلك ساداتنا ومشايخنا الكرام، إذ قطفتَ من الآية (ما طاب لكم)
وأعرضت عن الجانب الإنساني الذي ذكرته أنا لك ولم تنتبه إليه كما لم ينتبه إليه
أحدٌ من شيوخ الإسلام. أنتَ قطفت زهرة ما طاب لكم ونسيت بداية الآية والتي هي أساس
وعماد فهمها وتأويلها: فالقصة لا يمكن أبداً فهمها الفهم الصحيح ما دمت تفهم
نهايتها ولم تسمع بداية هذه القصة، فهذا فهمٌ مبتور، والحكم الصادر على القصة
حتماً سيكون حكماً خطأ بعيداً كل البعد عن حقيقتها. فقد تفضَّلت أنتَ بذكر الآية
من نصفها الأخير، أي قلت {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ
وَرُبَاعَ} وتعجَّلت فنسيت بدايتها، أي فاتك ذكر {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} وهذا هو شرط تعدد
الزوجات. ولا ألومك أبداً بإغفالك النصف الأول من الآية لأن كافة ساداتنا علماء
المسلمين قد فهموها أيضاً كما فهمتها أنتَ مبتورةً لا كما أرادها الله. لأن الله
شَرَطَ بجواز تعدد الزوجات إنصاف اليتامى، ولا يجوز التزوج في الإسلام بأكثر من
واحدة قطعاً وأبداً إلاَّ لهدف إنساني سامي، أي لإنقاذ اليتامى وبالتالي لإنقاذ
وإسعاف أمهاتِهنَّ.
الآية تؤخذ ككل ولا تقبل التقسيم أبداً،
علاوة على أن الله قد قيَّدها وحتَّمها (بإن) الشرطية أي: هذا هو شرط جواز التزوج بأكثر من زوجة واحدة.. وإلاَّ
فزوجة تكفي وتفي. فلا ظلم ولا هضم.
وقبل أن أوضِّح لك الحكمة الإلهية البالغة
أرجو منك الإصغاء إلى مثال واقعي: هَبْ أن بلدة عدد رجالها ألف رجل استشهد نصفهم
ومعظمهم متزوجون دفاعاً عن الوطن والدين والشرف والأهل والمال والولد وبقي نصفهم
وعددهم (500)، فمن لليتامى والأرامل الخمسمئة الباقية؟ لقد بقينَ يواجهنَ مصاعبَ
ومصائب الحياة بلا أزواج تعينهن وتحميهن من نوائب الزمان ومصائب الحِدثان. أما
اليتامى الذين ورثوا أموالاً عن أبيهم من يديرها ويشغلها لهم ويصرف عليهم من
نتاجها ويصونها لهم ويضمن أنها لن تضيع هدراً وتبذيراً؟ ثم هل يصح ترك أبناء
الشهداء دون أب مصلح يقوِّم اعوجاجهم ويحوُل دون شذوذهم وضياعهم، هل جزاء الإحسان
إلاَّ الإحسان! هذا الشهيد الذي ضحَّى بحياته (والجود بالنفس أسمى غاية الجود) هل
جزاؤه أن تبقى زوجته أرملة عرضة للانحلال الأخلاقي والفساد الاجتماعي، ومع أن
الإسلام قد أمر بالإنفاق على الأرامل واليتامى من بيت مال المسلمين، إذ أمَّن
النظامُ الإسلامي التكافلَ والتضامن الاجتماعي بكمال الكمال، ولكن أليست الأرملة
بحاجة إلى رجل يحنو عليها ويؤنس وحدتها ويشبع غرائزها الفطرية من طريقٍ حلال بما
يُحمد عقباه! فهل يبقى الأولاد دون ضابط حازم قوي يقوِّم اعوجاجهم ويحول دون
شذوذهم عند بلوغهم سن المراهقة وطيش الشباب، والجنس اللطيف من النساء بطبيعتهن
الرقيقة عاجزات عن ضبط أولادهن حين بلوغهن هذه المرحلة الخطرة من سن الشباب، بل
سيشذ الأولاد ويتحتم مصيرهم بعد شذوذهم في السجون والشقاء.
أفهكذا نتركهم لهذا المصير لأن آباءهم
ضحُّوا بحياتهم من أجلنا؟
المستشرق الغربي: يا أيها الأخ المسلم لقد زدتني لهفة على لهفة وأشعلت بنفسي نيران
الشوق حباً باستطلاع الدواء لهذا الداء وشفائي من هذه الأمراض الاجتماعية التي
تعصف بحياة الأمم والأقوام. أنِرْني بالله عليك.. كيف السبيل لإسعاف وإنقاذ هؤلاء
المنكوبين العزيزين. لقد أيقظتَ إنسانيتي وأبكيت قلبي وفطَّرت كبدي على هذه
الإنسانية المعذَّبة والمترعة بالشقاء، والتي لم تجد لها حقّاً كافةُ الدول
المتحضرة في العالم حلولاً ولا علاجات أبداً.
حقاً إن نتاج الحروب الطاحنة دوماً أرامل
ويتامى غارقين في البؤس واليأس والألم والهضم والحرمان. فما جوابك؟
العالم المسلم: يحق للمتزوج القادر من الناحية المالية والجسمية والعقلية أن يتزوج
أرملة أو اثنتين أو بأقصى الحدود والإمكانات البشرية ثلاث أرامل لإيواء أبنائهن
وحفظ شرفهن وإمدادهن بالعيش الكريم بشرط أن يكون المؤهَّلُ للزواج بأكثر من زوجة
حكيماً عالماً حائزاً على قسط من الكمال والحكمة ليعدل بين الزوجات وينشئ الأبناء
تنشئة إنسانية كاملة. ذلك لأن تأويل كلمة {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} أنه لن تطيب الحياة الزوجية إلاَّ بتوافر ثلاثة شروط أساسية في الزواج:
أولاً السعة المالية والغنى الكافي للعيش
الكريم لمجموع أفراد الأسرتين أو الثلاث أو بأقصى الحدود لأربع أسر، فلا يجوز أن
يتزوج ويترك الأسر عرضةً للجوع. وهذا الشرط وحده لا يكفي أبداً ما لم يتوفر الشرط
الثاني وهو أن يكون لدى الزوج إمكانيات ومؤهلات جسمية يستطيع بها أن يروي أنوثة
زوجاته الثلاث أو الأربع ولا يُنقص إحداهن حقّها الطبيعي في إرواء غريزتها
الأنثوية الجنسية.. وعدم هضم حق زوجة على حساب زوجة. وهذا الشرط الثاني يلزمه
حتماً الشرط الثالث والمهم وهو أن يكون الزوج حكيماً عالماً يستطيع أن يحقِّق
العدالةَ والرضا في قلوب زوجاته جميعهن فيعدل بينهن دونما تمييز واحدةٍ على حساب
الأخرى باللباس والطعام والمسكن والكلام، والقولِ الحسن والمعاملة الإنسانية
اللطيفة لهن جميعاً بالمساواة دونما محاباة أو تحيُّز أو تفضيل. عندها تطيب الحياة
الزوجية ويتم التعاطف والتآزر والتكاتف بالأسرة وينشأ المجتمع المثالي السعيد
الراقي.
فمن دواعي الإنسانية المثلى وجود رجل فاضل
وكامل ليحل محل أبيهم الشهيد رحمه الله «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو
تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى».
المستشرق الغربي: عجبٌ للإنسانية كيف أن الإنسان المتمدن في هذا العصر الراقي وقد بلغ
الأوج في الثقافات والعلوم والآداب والفنون والإبداع والاختراع حتى علا فوق قمم
كافة الجبال واخترق السحب وجاز أقطار السماوات ولكن غابت عنه هذه المكرمات، وترك
إثر الحروب الألوف المؤلفة من الأرامل واليتامى تعجُّ بالحرمان والشقاء. فالحقيقة
أن الكمال المطلق للإله ومهما بلغ الإنسان فهو معرَّض للنسيان، نسيان مجتمعاتٍ
بأسرها وتركها عرضةً للأحزان والآلام، تجأر لربها بالدعاء من إهمال الإنسان لأخيه
الإنسان. إذاً فإن لم تتوفر في الرجل الصفات الثلاث: السعة المالية والقوة الجسمية والحكمة العقلية فلا يحق له بدينكم
الإسلامي أن يعدِّد الزوجات؟!
العالم المسلم: أكرر أنه من حاز الكفاءة في الشروط الثلاث: السعة المالية والقوة
الجسمية والحكمة العقلية لِما يحقِّق العدالة والمحبة والتنشئة الصالحة لحياة
سعيدة مزدهرة مترعة بالمحبة والحنان له الحق بالزواج من أكثر من واحدة، وإلاَّ
فحتماً لا يجوز.. لا يجوز الزواج التذوقي لأكثر من واحدة ولا الشهواني النفساني،
بل الزواج الإنساني العادل الذي يعدِّل أوضاع اليتامى والأرامل للحياة الأسمى
والأفضل، ولما فيه سعادة المجتمع لقول الله في كتابه المقدّس (القرآن): {فَإِنْ خِفْتُمْ
أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}: إذا وجدتَ نفسك لا تستطيع القيام بحق النساء فتزوج واحدة، لا تتزوج
أكثر.
المستشرق الغربي: عجباً عجباً، ما كنت أعلم أن الإسلام فيه هذا السمو الإنساني والكمال
الذي تتعشقه كل نفسٍ فاضلةٍ وهذا التكافل والتضامن الاجتماعي البالغ في العلو
والذي عجزت البشرية في تطورها وقمة مدنيتها أن تصل إليه.. حقّاً هذا من كلام الإله
العظيم الرحيم بخلْقه والحريص على سعادتهم وهنائهم. ولكن النفس تميل وفي كتابكم المقدس
(القرآن) أن الإنسان يعشق بطبيعته وفطرته الجمال ونفسه تميل إلى واحدة أكثر بكثير
من غيرها من زوجاته الثلاث، فماذا يفعل الإنسان بقلبه وهذا الأمر لا يستطيع أن
يتحكَّم به الإنسان من الميل إلى الألطف والأرق والأجمل وهذا ما يقرره كتابكم
المقدس (القرآن) أيضاً إذ يقول: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ
حَرَصْتُمْ}.. فما قولكم؟
العالم المسلم: يا أخي هذا الذي تفضَّلت به هو قانون الفطرة البشرية الأصيل أن تعشق
النفس الأفضل والأجمل وقد بيَّن ذلك تعالى في الآية التي ذكرتها {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا
أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}.. فهذه حتمية بعدم الاستطاعة، ولذا فلها معنى آخر، إذا واحدة أجمل من
واحدة فالنفس تميل وهذا ليس بيدنا ولكن علينا أن نعامل الزوجات بالإحسان فأنت لا
تُؤاخَذْ على ميلك القلبي وإنما المؤاخذة كل المؤاخذة على المعاملة الظاهرة، إذ أن
للناس الظواهر والله أعلم بالسرائر. ويضيف تعالى للآية {فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}: مع واحدة دون واحدة. {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}: حذارِ أن تهجرها فتذرها كالمعلقة فلا هي متزوجة ولا هي بمطلقة. إذاً
الكل بالمعاملة مثل بعض، ليلة وليلة، وكذا المال، أما الحب فهذا لست بمؤاخذ عليه،
المهم أن لا تظهره بالمعاملة أبداً.
المستشرق الغربي: لا شك بأن تعدد الزوجات بهدف إنقاذ البنين والبنات من أبناء الشهداء
الأبرار وصون وإكرام زوجاتهم أمر بالغ في السمو والعلو والذي لم يتوصَّل إليه
إنسان عصر القرن العشرين على رقيِّه، فهو الملاذ الأخير والمنقذ الوحيد لأسر
الشهداء فما أرحم هذا الخالق العظيم بكافة عباده.
هذه الحقائق أجاب عنها فضيلة العلامة
الكبير محمد أمين شيخو
والحمد لله رب العالمين.
ana 7abibat baba- عضو جديد
- عدد المساهمات : 15
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 27/06/2010
رد: لم أكثر من زوجة يا إسلام؟
جزاك الله خيراً
جعله الله فى ميزان حسناتك
تقبل تحياتى
جعله الله فى ميزان حسناتك
تقبل تحياتى
allkany- عضو جديد
- عدد المساهمات : 6
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 20/06/2010
مواضيع مماثلة
» لم الطلاق يا إسلام؟
» الأمن أكثر من الجمهور فى حفل رامى صبرى وجنات وأكمل
» التلفزيون الإسرائيلى: "ابن جارتنا" لساندى أكثر الكليبات سخونة
» أسطوانة خاصة بتحفيظ الاذكار اليومية بحجم 2.61 ميجا على أكثر من سرفر
» الأمن أكثر من الجمهور فى حفل رامى صبرى وجنات وأكمل
» التلفزيون الإسرائيلى: "ابن جارتنا" لساندى أكثر الكليبات سخونة
» أسطوانة خاصة بتحفيظ الاذكار اليومية بحجم 2.61 ميجا على أكثر من سرفر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى